القائمة الرئيسية

الصفحات

عنوان القصة: "بين الزمانين"



فدوار صغير وسط جبال الأطلس، كانت كاينة ميمة سميتها "لالة زينب". كانت امرأة فخمة، وقورة، عندها واحد الهيبة اللي كتبرد القلب. مات راجلها وهي فعز شبابها، وربات ولادها بوحدها، حتى ولاو كلهم رجال ونساء واقفين على رجليهم. دازت السنين، وولات كتعيش بوحدها فدار العائلة، محاطة بشجر الزيتون والتين، وصوت الما اللي كيجري فالساقية.


نهار من النهارات، جا عندهم شاب من المدينة، سميتو "إلياس"، جاي يدير بحث على الفلاحة التقليدية فإطار الدراسة ديالو فالجامعة. كان إلياس شاب فالعشرينات، عندو نظرة عميقة فعيونو، وهدرة موزونة، ماشي بحال باقي الشباب ديال الوقت.


تعرف على لالة زينب حيث كانت هي اللي كتسير الأرض وعارفة كلشي على الزرع والغلة. بداو كيهدرو، مرة ورا مرة، وولات العلاقة بيناتهم كتقوى. كانت كتوريه كيفاش يخدم الأرض، وهو كان كيسمع ليها بإنصات، وعينيه كيبانو فيهم احترام، ولكن مع الوقت، بدات كتزاد حاجة أخرى... شي حاجة ما كانتش مفهومة فالبداية.


لالة زينب، رغم العمر، كان قلبها باقي حي، وهاد الشاب رجّع ليها الإحساس اللي كانت نساتو. وإلياس، وسط الهدوء والحنان اللي لقا عندها، حس براسو مستقر، ومرتاح، ولأول مرة، بدا كيشوف الحب من زاوية ماشي ديال الجسد، ولكن ديال الروح والعقل.


واحد النهار، وهو كيسقي فالساقية، قال ليها:


– "لالة زينب… أنا عمرني حسيت بهاد الدفى مع حتى واحد. ماشي غير عاطفة، ولكن شي حاجة كتشدني ليك."


هي ضحكات، وقالت ليه:


– "إلياس… أنا قد مّك، وزيد، هادشي اللي بيناتنا الناس ما غاديش يرحموه."


– "ولكن واش حنا كنعيشو للناس؟ ولا لقلوبنا؟"


بدات القصة كتدور فدوار صغير، والهمسات كيبداو، الناس بدات تهدر، والعائلة ما تقبلاتش العلاقة. ولادها بداو كيطالبوها تبعد منو، وهو حتى عائلتو مابغاتوش يبقى فدوك الجبال.


كان خاصهم يختارو: يا إما الحب اللي لقاو فبعضياتهم، ولا رضا المجتمع. 

الأيام دازت، وحب لالة زينب وإلياس كبر كيف الزهر ففصل الربيع. كانوا كيلقاو بعضياتهم فالبساطة، فالهضرة الهادية، فالعشا تحت الضو ديال القمرة، وكاس ديال أتاي كيعمر بالنعناع.


ولكن الريح بدات تهب من جهة خايبة.


الدوار صغير، وما كاين ما يخبى. أول من بدا يهدَر كانت "مي عيشة"، جارتها فالحومة، اللي شافتها مرة هو كيعمر ليها البئر، وبداو الشكوك. الهضرة وصلات لوَلاد لالة زينب، خاصة ولدها الكبير "عمر"، اللي جا من المدينة مشعّال بحال الشمعة.


دخل عليها للدار، وهو معصب:


– "مّي... شنو كاين بينك وبين داك الشاب؟! واش هانت عليك سمعتنا؟ الناس كيقولو كلام ما يتقالش!"


لالة زينب شدات نفس عميق، وحطات الطجين اللي كانت كتحطو فوق الطابلة:


– "عمر، ولدي… ماشي كل حب حرام، وماشي كل إحساس خاصو يدفن. أنا لقيت مع هاد الشاب راحتي، ما طلبت من الدنيا والو، غير شوية دفى فهاذ السنين الباقية ليا."


ولكن عمر ما كانش باغي يسمع. الناس، العائلة، الصورة، الشرف… هادشي اللي كان كيهمو.


وفي جهة أخرى، إلياس حتى هو واجه عائلتو، اللي ما تفهموش كيفاش شاب مثقف، عندو مستقبل، يقدر يرتبط بمرا قدّ مّو. باه قاليه:


– "رَجّع العقل لراسك، راه كاين بنات فعمرك، قرايات، متفتحين. شنو غادي يقول الناس عليك؟"


إلياس بقى ساكت، ولكن كان عينيه كيقطرو دموع خفية.


فداك الليل، مشات لالة زينب للسطاح، كتشوف النجوم، وكتفكر.


سولات راسها:


– "واش نكمل فهاد الطريق، ولا نرضخ؟"


حيث الحب، فهاد السن، ماشي جريمة… ولكن كيفاش تواجه عالم كلو كيرفضو؟


في هاد اللحظة، قررت تدير خطوة جريئة…

فداك الليل اللي كانت فيه لالة زينب كتتفرج فالنجوم، خذات القرار. قررت تمشي لعند إلياس، وتقول ليه:


– "إلياس، الحب اللي بيناتنا نقي، صافي، ولكن الناس ما غاديش يفهموه. وأنا ما باغاش نكون سبب فأنك تخسر حياتك أو تعيش فصراع مع عائلتك."


إلياس كان ساكت، ووجهه مضروب بالحيرة. ولكن قلبو كان كيهدر:


– "لالة زينب، ما عمرني عرفت شكون أنا حتى عرفتك. الحب ماشي ديال الأعمار، الحب ديال الروح. ولكن إيلا كان خاصنا نختار بين السلام والوجع، نختار نخليك تكوني بخير."


تعانقو واحد العناق طويل… عناق ديال الوداع، ماشي الكره. عناق ديال الناس اللي تحابّو ولكن عرفو أن الطريق اللي بينهم غادي تكون كلها شوك.


رجع إلياس للمدينة، كمل قرايتو، وولات حياتو خدامة على قد الحال. ولكن فكل نجاح، كان كيتفكر المرا اللي علماتو كيفاش يحب، كيفاش يسمع، وكيفاش يكون راجل بمعنى الكلمة.


لالة زينب، رجعات لدارها، ولكن قلبها ما بقاش بوحدو. كانت كل مرة كتقلس فالباحة، وتضحك بوحدها، كتحس بروحو باقي حدّاها. دازت السنين، وكبرات أكثر، ولكن كانت كتعيش فهدوء، ماشي ندم.


الناس نساو الهضرة، والدوار ولى ساكت. ولكن فقلوبهم، كل واحد بقى كيتذكر داك الحب الغريب، اللي داز من وسطهم بحال النسيم، وخلّى أثرو.

أنت الان في اول موضوع

تعليقات

التنقل السريع